تظل المملكة بيت العرب الكبير، وصاحبة الأيادي البيضاء الممدودة دوما للأشقاء والأصدقاء في كل زمان ومكان، والسباقة دائما في مجالات العمل الإغاثي والإنساني، خصوصا في حالات الكوارث الطبيعية وغيرها.. لا تتوانى عن نصرة المظلوم، ولا عن أداء الواجب الذي تمليه علينا عقيدتنا الإسلامية، وقيمنا ومبادئنا الأصيلة.
وكان من الطبيعي أن تفتح المملكة قلبها قبل ذراعيها لاحتضان الأشقاء السوريين الذين اضطروا للتشرد من ديارهم نازحين ولاجئين في دول الجوار، حيث استقبلت عقب اندلاع الأزمة في سوريا، نحو مليونين ونصف المليون سوري، وحرصت على عدم التعامل معهم كلاجئين، أو تضعهم في معسكرات لجوء، حفاظا على كرامتهم وسلامتهم، بل منحتهم حرية الحركة التامة، ومنحت لمن أراد البقاء منهم في المملكة والذين يبلغون مئات الآلاف، إقامة نظامية أسوة ببقية المقيمين، بكل ما يترتب عليها من حقوق في الرعاية الصحية المجانية والانخراط في سوق العمل والتعليم.
كما قررت السلطات السعودية عدم ترحيل أي سوري مقيم على أراضيها حتى لو انتهى تصريح الإقامة الخاص به، حيث صدر أمر باستثناء السوريين من الترحيل أو المساءلات القانونية أو المخالفات التي يتعرض لها عادة الوافدون إلى المملكة ممن انتهت مدة إقامتهم، وذلك عقب ورود معلومات تفيد بتعرض عدد من السوريين العائدين إلى بلادهم لعمليات اعتقال وتعذيب.
تيسير التعليم
وشهد العام 2012 صدور أمر ملكي بقبول الطلبة السوريين الزائرين للمملكة في مدارس التعليم العام، التي احتضنت ما يزيد على 130 ألف طالب سوري على مقاعد الدراسة المجانية، حسب إحصائيات حملة السكينة الحكومية.
وأكد الأمر الملكي على مراعاة المرونة في فترة القبول، تقديرا لظروف الأشقاء في ظل الأزمة التي تمر بها بلادهم. وعلى الفور شرعت وزارة التربية والتعليم (آنذاك) في تفعيل الأمر الملكي، وشكلت لجنة خاصة للمتابعة وتقديم التسهيلات للطلاب الذين حرموا من التعليم نتيجة هذه الأزمة.
واعتمدت الوزارة الإجراءات الخاصة بقبولهم وتم تبليغها إلى إدارات التربية والتعليم في المناطق والمحافظات كافة للعمل بموجبها، ونصت الضوابط على أن تتولى إدارات وأقسام الاختبارات والقبول بإدارات التربية والتعليم استقبال طلبات الالتحاق بالمدارس على أن يتم قبول الطلاب والطالبات المستجدين في الصف الأول الابتدائي مباشرة من المدرسة بعد مطابقة العمر، فيما يتم التقدم بطلب القبول إلى إدارات التربية والتعليم للمراحل الدراسية من الصف الثاني الابتدائي إلى الثالث الثانوي سواء للطلاب الذين يحملون معهم وثائقهم الدراسية أو الذين لم تكتمل، ويتم إنهاء إجراءات القبول مباشرة ومعالجة كافة الحالات وتوجيههم للمدارس التي تناسبهم، أما الدارسون أو الدارسات في التخصصات المتفرعة في المرحلة الثانوية فيتم قبولهم وفق التخصصات التي درسوا فيها. وتتم مطابقة بيانات الوثائق الدراسية وفق نسخة من جواز السفر، أو الإقامة في حال توافرها.
منح جامعية
كما صدر أمر كريم بإنشاء برنامج خادم الحرمين الشريفين الجامعي لمساعدة الطلبة السوريين. وفي ضوء ذلك أعلنت الجامعات عن فتح باب القبول في برنامج المنح الدراسية للطلبة السوريين، وفق شروط ميسرة تم الإعلان عنها في حينه، منها أن يكون الطالب ممن دخل إلى المملكة بتأشيرة زيارة، انطباق شروط القبول المعتمدة للبرنامج، أن يحمل المتقدم مؤهلا معترفا به في بلده، ولا يقل معدل هذا المؤهل عن جيد جدا إذا كانت الدرجة تمنح بتقدير، تحقيق شرط اللغة الإنجليزية المعتمد للبرنامج، أن يكون حسن السيرة والسلوك ولائقا طبيا.
استثناء من شرط «غير مصرح له بالعمل»
ووافق المقام السامي على توصيات اللجنة المكلفة بدراسة موضوع تأشيرات الوافدين السوريين، التي أوصت باستمرار التأشيرات للسوريين وفق الضوابط المعتمدة سابقا.
وسمحت اللجنة للسوريين القادمين بتأشيرة زيارة ولفترة مؤقتة بالعمل في المملكة، واستثنتهم من شرط «غير مصرح له بالعمل»، وذلك بهدف استيعاب المؤهلين منهم في سوق العمل وفق شروط وزارة العمل، بعد التأكد من عدم وجود ملاحظات أمنية عليهم.
علاج مجاني
ولم تغفل السلطات السعودية الجانب الصحي الذي لا يقل أهمية عن التوظيف والتعليم، حيث صدر أمر سام كريم في تاريخ 24/1/1435، بالموافقة على إعفاء الحالات المستعجلة والطارئة لعوائل الوافدين من الجنسية السورية القادمين بتأشيرة زيارة من رسوم العلاج في مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات العامة، ووجهت مديري الشؤون الصحية في كافة المناطق والمحافظات، والمشرف العام على مدينة الملك سعود الطبية، يقضي بمراعاة ما يلي: علاج الحالات الطارئة في مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات العامة على نفقة الدولة، وعلاج الحالات الروتينية وإجراءاتها التشخيصية على نفقة الدولة في مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات العامة في التخصصات التي لا يوجد فيها قوائم انتظار لأكثر من أسبوعين من المرضى السعوديين، ويكون إجراء العمليات الروتينية والتنويم الروتيني على نفقة الدولة في التخصصات التي لا يوجد فيها قوائم انتظار لأكثر من أسبوعين للمرضى السعوديين، وحسب الإمكانيات المتاحة.
تصاريح عمل مؤقتة
وأفادت مصادر بأن ثلاث وزارات تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على آليات تتيح للسوريين القادمين إلى المملكة بتأشيرة «زيارة»، الحصول على تصاريح تخولهم العمل، إذ تحظر الأنظمة على القادمين بهذا النوع من التأشيرات العمل داخل البلاد.
وينطبق هذا الإجراء على كل من يحمل الجنسية السورية داخل المملكة، سواء كان يعمل في القطاع العام أو الخاص.
وينقسم السوريون الموجودون على الأراضي السعودية، وعددهم نحو 600 ألف، إلى فئتين، الأولى تحمل إقامة نظامية، وصدرت في حقهم تعليمات عدة، منها: أنه في حال رغب صاحب العمل في إنهاء العلاقة التعاقدية، رغم رغبة العامل في البقاء في عمله لدى صاحب العمل نفسه، وإصرار صاحب العمل على التأشير له بالخروج النهائي، ووجود صاحب عمل آخر يرغب في نقل خدماته إليه، فيتم النقل من دون موافقة صاحب العمل الأول.
أما الفئة الثانية، فتشمل السوريين القادمين بتأشيرة «زيارة»، وهؤلاء لهم إجراءات أخرى، من خلال لجنة ثلاثية، مكونة من وزارات: العمل، والداخلية، والخارجية، لإعداد آليات التصريح لهم بالعمل المؤقت.
يذكر أن نظام العمل السعودي يمنح الجنسيتين السورية واليمنية استثناءات عدة، منها الإعفاء من الإبعاد، وهو الاستثناء الممنوح للجاليات: البرماوية، والتركستانية، والفلسطينية، كما تحسب في برامج «نطاقات» بما يعادل «ربع سعودي».